للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والداعية إلى اللَّه - عز وجل - إذا تثبت، وتأمل في جميع أموره اكتسب ركناً من أركان الحكمة، وينبغي ألا يقتصر في منهجه المتكامل على التأني والتثبت في الأفعال والأقوال فحسب، بل عليه أن يجري ذلك على القلب في خواطره، وتصوراته، وفي مشاعره وأحكامه {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (١).

فلا يقول اللسان كلمة، ولا يروي حادثة، ولا يحكم العقل حكماً، ولا يبرم الداعية أمراً إلا وقد تثبت من كل جزئية، ومن كل ملابسة، ومن كل نتيجة، حتى لا يبقى هنالك شك ولا شبهة في صحتها، وحينئذ يصل الداعية المسلم المتمسك بهذه الضوابط إلى

أعلى درجات الأناة والحكمة والسداد - بإذن اللَّه تعالى - (٢).

أما العجلة فهي مذمومة، قال سبحانه عن فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} (٣)، استخفهم وحملهم على الضلالة والجهل، واستخف عقولهم، يقال: استخف عن رأيه: إذا حمله على الجهل وأزاله عما كان عليه من الصواب (٤).


(١) سورة الإسراء، الآية: ٣٦.
(٢) انظر: في ظلال القرآن، ٤/ ٢٢٢٧.
(٣) سورة الزخرف، الآية: ٥٤.
(٤) تفسير ابن كثير ٤/ ١٣٠، وشرح السنة للبغوي، ١٣/ ١٧٥.

<<  <   >  >>