والاستبضاع، والزنى الجماعي، والإفرادي، ونكاح أسبق الرجال ممن مات زوجها، والاعتداء على الأعراض والأموال والدماء، كل ذلك كان شائعاً في قومه قبل الإسلام، لا ينكره أحد، ولا تحاربه جماعة، هذا بالإضافة إلى وَأْدِ البنات، وقتل الأولاد خشية الفقر أو العار، ولعب الميسر، وشرب الخمر، أمور تعد في الجاهلية من المفاخر والتباهي، وليس من شرط أن يكون المجتمع كله يرتكب هذه الجرائم، وإنما عدم إنكارها هو دليل على الرضى بها، وهذا ما يدعو إلى انتشارها إلى جانب الأفكار الأخرى.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعمل أي عمل أو يباشر أي خلق من هذه الأخلاق الرذيلة، بل قد اتصف بجميع مكارم الأخلاق بين قومه، فكان صادقاً لا يعرف الكذب، أميناً لا يعرف الخيانة، وفيًّا لا يعرف الغدر، حتى كان معروفاً في مجتمعه بهذه الصفات مميزاً بها عن غيره، ولا يجهل ذلك أحد ممن عرفه، ولا يساويه في ذلك أحد من خلق اللَّه، ولا ينكر ذلك أحد، سواء كان عدوًّا أو غيره، ولا يمكن أن يتهمه خصم، فقد بُعِثَ - صلى الله عليه وسلم - وناصَبَهُ قومه العداء، ولكن لم يستطع واحد منهم أن يتهمه بصفة غير لائقة أو خلق يعيبه به، ولو عرفوا شيئاً من ذلك - وقد عاش بينهم أربعين عاماً - لأراحهم من التنقيب عن خصلة غير حميدة يتهمونه بها عندما يحل الموسم، ويلتقي بالناس في الحج حتى يبعدوه عنهم فعجزوا عن ذلك، ووجدوا أن كلمة ((ساحر)) هي أنسب الصفات التي يطلقونها عليه