للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تُليِّن قلب القاسي، وتقوِّي قلب الضعيف، ومن زادته التجارب عمىً إلى عماه، فهو من الحمقى الذين قد طبع اللَّه على قلوبهم، فهم لا يفقهون (١).

وأعظم الناس تجربة، وأكملهم حكمةً: الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام؛ لأنهم صفوة البشر اصطفاهم اللَّه ورباهم، ثم أرسلهم لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومع هذا ما بعث اللَّه من نبي إلا رعى الغنم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما بعث اللَّه نبيّاً إلا رعى الغنم) فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: ((نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة)) (٢).

وفي رواية: قالوا: أكنت ترعى الغنم؟ قال: ((وهل من نبي إلا وقد رعاها؟)) (٣).

والحكمة من ذلك - واللَّه أعلم - أن اللَّه - عز وجل - يلهم الأنبياء قبل النبوة رعي الغنم؛ ليحصل لهم التمرين والتجربة برعيها على ما يُكلَّفُونه من القيام بأمر أمتهم؛ ولأن في مخالطتها ما يُحصِّل لهم


(١) انظر: هكذا علمتني الحياة، القسم الأول، للدكتور مصطفى السباعي، ص٤٧.
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب الإجارة، باب رعي الغنم على قراريط، ٤/ ٤٤١، (رقم ٢٢٦٢).
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب يعكفون على أصنام لهم، ٦/ ٤٣٨ (رقم ٦٤٠٦)، وكتاب الأطعمة، باب الكباث ٩/ ٥٧٥ (رقم ٥٤٥٣)، ومسلم في كتاب الأشربة، باب فضيلة الأسود من الكباث، ٣/ ١٦٢١، (رقم ٢٠٥٠)، وهو النضيج من ثمر الأراك، انظر: شرح النووي، ١٤/ ٦.

<<  <   >  >>