لِمَكَانِ الْأَنْصَارِ مِنْهُ، وَوَصِيَّتِهِ بِهِمْ، وَمَكَانِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مِنْ خِدْمَتِهِ
٣٩٧ - وَأَوَّلُ هَذَا الْمَثَلِ، كَمَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ الْعَابِدِيُّ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، وَأَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: نا أَبِي، قَالَ: نا الْمُحَبَّرُ بْنُ قَحْذَمٍ، قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " لَمَّا قُدِمَ بِابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنَتِهِ ضَمَّتْهُمَا عَائِشَةُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا شَبَّا وَقَوِيَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، قَالَتْ عَائِشَةُ لِأَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: إِنِّي أَظُنُّكَ قَدْ وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ تَوْلِيَتِي عَلَيْكَ أَمْرَ وَلَدَيْ أَخِيكَ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ، إِنَّمَا كَرِهْتُ أَنْ يَلِيَ نِسَاؤُكَ مِنْهُمَا قَبِيحَ أَمْرِ الصِّبْيَانِ، وَقَدْ قَوِيَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، فَضُمَّهُمَا إِلَيْكَ، وَكُنْ لَهُمَا كَمَا كَانَ حُجَيَّةُ بْنُ الْمُضَرَّبِ، فَإِنَّهُ غَزَا غَزَاةً، وَخَلَفَ ابْنَيْ أَخِيهِ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَرَجَعَ وَقَدْ هَزَلَا وَقَشِفَا، فَسَأَلَهُمَا عَنْ حَالِهِمَا، فَأَرَيَاهُ قَعْبًا مُشَعَّبًا، وَقَالَا: كَانَتْ تُقَوِّتُنَا فِي هَذَا، فَأَرْسَلَ إِلَى عَشِيرَتِهِ، فَقَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنَّ غَنَمِي وَإِبِلِي وَرَقِيقِي لِابْنَيْ أَخِي، فَغَضِبَتِ امْرَأَتُهُ، وَضَرَبَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حِجَابًا، وَجَعَلَتْ تَكْتَحِلُ مَرَّةً، وَتَنْتَحِبُ مَرَّةً.
فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
لَجِجْنَا وَلَجَّتْ هَذِهِ فِي التَّغَضُّبِ ... وَلَطِّ الْحِجَابُ دُونَنَا وَالتَّنَحُّبِ
وَخَطَّتْ بِعُودَيْ إِثْمَدٍ جَفْنَ عَيْنِهَا ... لِتَقُتلَني وَشَدَّ مَا حُبُّ زَيْنَبِ
وَكَانَ الْيَتَامَى لَا يَسُدُّ سُغُوبَهُمْ ... هَدَايَا لَهُمْ فِي كُلِّ قَعْبٍ مُشَعَّبِ
فَقُلْتُ لِعَبْدَيْنَا أَرِيحَا عَلَيْهِمَا ... سَأَجْعَلُ بَيْتِي بَيْتَ آخَرَ مُعْزِبِ
رَحِمْتُ بَنِي مَعْدَانَ إِذْ قَلَّ مَالُهُمْ ... وَحُقَّ لَهُمْ مِنِّي وَرَبِّ الْمُحَصَّبِ
أُحَابِي بِهِ مَنْ لَوْ أَتَيْتُ لِمَالِهِ ... حَرِيبًا لَآسَانِي عَلَى كُلِّ مَرْكَبِ
أَخِي وَالَّذِي إِنْ أَدْعُهُ لِعَظِيمَةٍ ... يُجِبْنِي وَإِنْ أَغْضَبْ إِلَى السَّيْفِ يَغْضَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute