للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٢٨ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: أَتَى الْحَجَّاجُ بِأَسْرَى فِيهِمْ أَسِيرٌ لَهُ وَالِدٌ، فَسَأَلَ الْحَجَّاجَ الصَّفْحَ عَنْهُ، فَأَبَى عَلَيْهِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَتَوَجَّعَ الرَّجُلُ، وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ يَوْمًا، وَقَدْ جَاءَ نَعْيُ مُحُمَّدِ بْنِ يُوسُفَ مِنَ الْيَمَنِ، وَمَوْتُ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى تَوَجُّعِ الْحَجَّاجِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: مَا أَحْسَبُ الْأَمِيرَ إِلَّا مُتَذَكِّرًا لِقَتْلِ ابْنِي، وَتَمَثَّلَ بِأَبْيَاتِ طُفَيْلٍ الْغَنَوِيِّ:

فَذُوقُوا كَمَا ذُقْنَا غَدَاةَ مُحَجَّرٍ ... مِنَ الْغَيْظِ فِي أَكْبَادِنَا وَالتَّحَوُّبِ

فَمُتْ غَيْرَ مَفْقُودٍ إِلَى النَّارِ صَائِرًا ... فَأَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقَاءٌ مُرَوَّبُ

فَلَا تَحْسِبَنَّ قَلْبِي لِفَقْدِكَ جَازِعًا ... وَلَا دَمْعَ عَيْنِي عِنْدَ مَوْتِكَ يَسْكُبُ.

قَالَ إِبْرَاهِيمَ بْنُ حُمَيْدٍ: قَصَدَ لِلْمَثَلِ الْمَضْرُوبِ: مَنْ ضَحِكَ وَحْدَهُ، بَكَى وَحْدَهُ، وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ:

فَأَيْسَرُ مَفْقُودٍ وَأَيْسَرُ هَالِكٍ ... عَلَى الْحَيِّ مَنْ لَا يَبْلُغُ الْحَيَّ نَائِلُهُ

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَأَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ:

فَإِنْ تُحْدِثْ لَكَ الْأَيَّامُ سُقْمًا ... يَحُولُ حَرِيضُهُ دُونَ الْقَرِيضِ

يَكُنْ طُولُ التَّأَوُّهِ مِنْكَ عِنْدِي ... بِمَنْزِلَةِ الطَّنِينِ مِنَ الْبَعُوضِ

فَمَا أَنَا بِالْمُفَجَّعِ حِينَ تُودِي ... وَمَا دَمْعِي عَلَيْكَ بِمُسْتَفِيضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>