فيها ألا تخرج على الإسلام العامة، وأن تكون تطبيقًا دقيقًا لروح الشريعة الإسلامية، فهذه القوانين التي يضعها أولو الأمر ليست في الحقيقة إلا صدى القرآن وظله، وهناك فرق كبير بينها وبين القوانين التي يضعها البشر غير مقيدين إلا بأرائهم وأهوائهم ومصالحهم.
وإذا كان من أخص صفات الحكومة الإسلامية أنها حكومة شورى فإنها لا تشبه في شيء الحكومات النيابية، كما أنها تخالف في طبيعتها الحكومات غير النيابية، وإذا كان أساس الحكومات النيابية في العالم هو الشورى إلا أن الشورى في الحكومات الإسلامية لا تشبه في شكلها، ولا نوعها، ولا الغرض منها، تلك الشورى التي تقوم عليها الحكومات النيابية.
وإذا كان من وظيفة الحكومة الإسلامية أن تقيم الدين فإنها لا تعتبر من نوع الحكومات الدينية التي يسميها الفقه الدستوري حكومات ثيوقراطية، إذ أن الحكومة الإسلامية لا تستمد سلطانها من الله وإنما تستمده من الجماعة. وهي لا تصل للحكم ولا تنزل عنه إلا برأي الجماعة، وهي مقيدة في كل أعمالها وتصرفاتها برأي الجماعة. والتزام الحكومة حدود الدين الإسلامي لا يغير من هذه النتيجة شيئًا ما، لأن الدين الإسلامي يدعو الناس أن يعملوا لدنياهم قبل أن يدعوهم ليعملوا لأخراهم، بل إنه من يرتب الحياة الأخرى على ما يعمله المرء في حياته الدنيا فهو دُنْيَا قبل أن يكون دينًا، وهو أُولَى قبل أن يكون آخرة،