وإذا كان الإسلام يوجب أن يكون المسلمون أمة واحدة لهم دولة واحدة فإن هذا يقتضي أن يكون إقليم الدولة الإسلامية شاملاً لكل البلاد الإسلامية.
والأصل في الإسلام أنه شريعة عالمية لا مكانية، جاءت للعالم كله لا لجزء منه، وللناس جميعًا لا لبعضهم، وهو شريعة الكافة، لا يختص بها قوم دون قوم، ولا جنس دون جنس، ولا قارة دون قارة، وهو شريعة العالم كله، يخاطب بها المسلم وغير المسلم، ولكن لما كان الناس جميعًا لا يؤمنون بها، ولا يمكن فرضها عليهم فرضًا فقد قضت ظروف الإمكان أن لا تطبق الشريعة إلا على البلاد التي يدخلها سلطان المسلمين دون غيرها من البلاد، وهكذا أصبح تطبيق الشريعة الإسلامية مرتبطًا بسلطان المسلمين وقوتهم، فكلما اتسعت الأقاليم التي يتسلط انكمش سلطانها، فالظروف والضرورة هي التي جعلت من الشريعة الإسلامية شريعة إقليمية، وإن كانت الشريعة في أصلها عالمية.
وقد نظر الفقهاء إلى هذا الاعتبار حين قسموا العالم كله إلى قسمين لا ثالث لهما، الأول يشمل كل بلاد الإسلام ويسمى دار الإسلام، والثاني يشمل كل البلاد الأخرى ويسمى دار الحرب.