للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد دفع القرآن المسلمين لتكوين الدولة التي وعدوا بها عندما تهيأت لهم أسباب تكوينها بعد الهجرة إلى المدينة، فأذن لهم أن يقاتلوا أعداءهم الذين ظلموهم وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم، والقتال هو أول مظهر من مظاهر الدولة، ووعد المسلمين النصر والغلبة على أعدائهم، ونبههم بعد ذلك إلى وظيفة الدولة الإسلامية التي قدر لها أن ترث الأرض ووعد الله بالتمكين لها، وبين أن وظيفة هذه الدولة هي إقامة أمر الله وذلك بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ينكره الإسلام {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج: ٣٩ - ٤١].

وإذا كانت الدولة الإسلامية قد قامت في أذهان المسلمين وهم في مكة وارتسمت لها صورة جميلة كانت تداعب خيالهم وهم محصورون في المدينة أثناء غزوة الأحزاب، فإن الدولة الإسلامية قد تكونت فعلاً في المدينة بعد أن اعتنق الأوس والخرزج الإسلام وتجمعوا عليه، وبعد أن هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة، حتى إذا لحق بهم رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التفوا حوله وسمعوا له وأطاعوا فَكَوَّنَ منهم أول وحدة

<<  <   >  >>