في أشخاص الحكام القائمين عليها، أما السلطان الروحي فيستمد مِمَّا يجيء به الرسول أو المصلح لا من شخصه.
والناس دائمًا يخشون السلطان المادي ولا يثقون فيه، ويهربون من السلطان المادي كلما استطاعوا، فلا يطيعونه إلا كارهين ولا يسالمونه إلا مغلوبين ولا يؤازرونه إلا طامعين، واذا استطاعوا أن ينفلتوا من حكمه وكان في ذلك منفعة لهم فلن يصدهم عن الانفلات عقل ولا ضمير. أما السلطان الروحي فإن الناس يطلبونه قبل أن يطلبهم ويعبدون أنفسهم له قبل أن يستعبدهم ويربطون أنفسهم به راضين مسرورين.
والسلطان الروحي بالرغم مِمَّا له من أثر في الأفراد قد يتعطل سيره أو يضعف عمله إذا كان السلطان المادي مضادًا له، لأن في طباع الكثيرين من البشر أن يؤثروا الأمن والسلامة فيهملوا العمل بما يؤمنون به خشية أن يصيبهم أذى، أو يكتموه في أنفسهم فلا ينتقل إلى غيرهم.
كذلك في طبيعة الأفراد أنهم يشق عليهم أن يلزمهم السلطان المادي ما يجنبهم إياه السلطان الروحي، وأنهم يميلون إلى مقاومة السلطان المادي للتخفيف عن أنفسهم وإرضاء ضمائرهم، وهذه المقاومة مهما كانت ضعيفة تؤدي بمرور الزمن إلى تفويض السلطان المادي أو إضعافه.
فإذا بني السلطان المادي على أساس من السلطان الروحي كان ذلك أدعى إلى إسعاد الجماعة وتضامنها وتوثيق الصلات