بحيث يكون للقائمين على السلطان حق إصدار الأوامر لجميع أفراد الجماعة، ووجه خارجي بحيث يكون للقائمين على السلطان حق تمثيل الجماعة أو الأمة والتصرف باسمها، وليس ثمة شك في أن هذا السلطان بوجهيه كان قائمًا في الدولة الإسلامية من يوم تجمع المسلمين في المدينة، وكان هذا السلطان يتركز في شخص الرسول الذي يمثل الجماعة الإسلامية في الخارج فيعقد مع الجماعات الأخرى المعاهدات والصلح ويعلن الحرب كما حدث في عهده لليهود وفي معاهدة الحديبية وفي غزوة بدر وغيرها من الغزوات، كذلك كان هذا السلطان يتركز في شخص الرسول الذي كان له حق إصدار الأوامر لجميع أفراد الأمة الإسلامية وكان عليهم واجب السمع والطاعة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[النساء: ٥٩].
وإذا كانت هذه الأركان الأربعة متوفرة في الوحدة التي ألفها المسلمون برئاسة النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد تكونت الدولة الإسلامية بحكم الفقه وبحكم الواقع، والتعلق بعد ذلك بالتنظيمات الداخلية إنما هو تعليق بما لا يفيد ولا ينتج.
إن الجهل بالتنظيمات الداخلية لدولة ما ليس حجة على أنها لم تكن دولة، وعدم تدوين تنظيمات هذه الدولة بدقة لا يطعن في وجود هذه الدولة وإلا اضطررنا أن نمحو من سجل الدولة كل دولة لم يثبت المؤرخون تفاصيل تنظيماتها أو لم يثبتوا شيئًا منها.