أبي سرح:«إِنْ أَرَدْتَ أَنْ لاَ تَخْتَلِفَ قُرَيْشٌ فَبَايِعْ عُثْمَانَ»، وأيد هذا الرأي عبد الله بن أبي ربيعة، واختلف الناس، فقال عبد الرحمن:«إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ وَشَاوَرْتُ، فَلَا تَجْعَلُنَّ أَيُّهَا الرَّهْطُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ سَبِيلاً»، ودعا عليًا وقال:«عَلَيْكَ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لَتَعْمَلَنَّ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَسِيرَةِ الخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ»، قال:«أَرْجُو أَنْ أَفْعَلَ فَأَعْمَلَ بِمَبْلَغِ عِلْمِي وَطَاقَتِي»، ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي، قال:«نَعَمْ» فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان وقال: «اللَّهُمَّ اسْمَعْ وَاشْهَدْ. اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ جَعَلْتُ مَا فِي رَقَبَتِي مِنْ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ عُثْمَانَ»، ثم بايعه فبايع الناس جميعًا (١).
وقدم طلحة في يوم المبايعة وبعد تمامها، فقال له عثمان:«أَنْتَ عَلَى رَأْسِ أَمْرِكَ وَإِنْ أَبَيْتَ رَدَدْتُهَا»، قال:«أَتَرُدُّهَا؟»، قال:«نَعَمْ»، قال:«أَكُلُّ النَّاسِ بَايَعُوكَ؟»، قال:«نَعَمْ»، قال:«قَدْ رَضِيتُ لاَ أَرْغَبُ عَمَّا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ».
هذه هي الوقائع فلننظر فيها لنراها على حقيقتها، وأول ما يطالعنا فيها أن الناس طلبوا من عمر أن يستخلف فاختار لهم ستة أشخاص ليختاروا من بينهم رجلاً واحدًا يلي أمر الأمة، وتعبير الكتب التاريخية يوهم أن الناس طلبوا من عمر أن يختار لهم الخليفة بعده، ولكنهم في الحقيقة لم يطلبوا منه إلا أن يرشح لهم من يخلفه كما فعل أبو بكر، لأن الخليفة القائم لا يملك أن يختار خلفه كما قررنا من قبل وإنما يملك أن يرشح للخلافة من