أبي بكر، ومعنى ذلك أن عهد أبي بكر لم يجعل عمر إمامًا وإنما صار عمر إمامًا حيث أثبت المسلمون إمامته بناء على عهد أبي بكر، إذن فعهد أبي بكر لم يكن إلا ترشيحًا، والأمر في عهد عمر للستة أظهر من أن يكون محلاً للاشتباه، فهذا العهد لا يمكن أن يكون إلا ترشيحًا إذ المقصود منه تحديد الأشخاص الذين رأى عمر أنهم يصلحون لتولي الخلافة، ولو كان عهد عمر عقد بيعة لما اختار ستة إذ البيعة لا تكون إلا لواحد فقط.
فعهد أبي بكر لعمر وعهد عمر للستة إنما كان كلاهما ترشيحًا، وقبول الأمة لهذا الترشيح يعتبر سابقة تقرر للخليفة القائم حق ترشيح من يخلفه على أن يكون المرشح واحدًا أو أكثر، وللأمة أن توافق على المرشح أو ترشح غيره، وما يعطي ترشيح الخليفة القائم لغيره أي حق، ولا يجعل له فضلاً على أي مرشح آخر.
وهذا الذي نقوله قد قاله بعض الفقهاء، حيث رأى أنه ليس من الضروري استشارة أهل الحل والعقد وقت العهد، لأن عهد الإمام القائم لغيره ليس بعقد للإمامة، بدليل أنه لو كان عقدًا لأفضى إلى اجتماع إمامين في عصر واحد وهذا غير جائز، وإذا لم يكن العهد عقدًا فلا يعتبر حضور أهل الحل والعقد وقت العهد، وإنما يعتبر بعد موت الإمام، هذا القول صريح في أن العهد ترشيح وليس بيعة (١).