لا تربطهم رابطة ولا يجمعهم سلطان يخضع له قويهم ويفيء إليه ضعيفهم، فاقتضى أمر أن يقيموا لهم حكومة تفصل في مشاكلهم وتنوب عنهم جميعًا في إقامة أمرهم في حدود ما أنزل الله.
وقد أقام القرآن أمر المسلمين كله على الشورى فأمر الله ورسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يشاورهم في الأمر {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}[آل عمران: ١٥٩]. وهو غني بالوحي، وبالتوجيه الإلهي عن مشورتهم، وكان الرسول يشاورهم في كل أمورهم إلا فيما كان يوحى إليه من ربه وهو في الغالب خاص بالتشريع، حتى لقد كان الرسول يشاورهم في تأمير الأمراء ولا يقطع ذلك دونهم وهو رئيس الدولة، يدل على ذلك ما روي عنه من قوله «لَوْ كُنْتُ مُؤَمِّرًا أَحَدًا دُونَ مَشُورَةِ المُؤْمِنِينَ، لأَمَّرْتُ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ» كذلك جعل القرآن الشورى من لوازم الإيمان حيث جعلها صفة من الصفات اللاصقة بالمؤمنين والمميزة للجماعة الإسلامية {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[الشورى: ٣٨]. فلا يكمل إيمان المسلمين إلا بقيام الشورى فيهم، ولا يجوز لجماعة مسلمة أن تقيم أو ترضى إقامة أمرها على غير الشورى.
وأهم المسلمين وأحقها بالشورى هو أمر الحكم، فإذا ما أوجبت ظروف الأحوال وطبائع الأشياء أن يقيم