في إقامته بالنفس والمال، وعدم موادة من يكره الإسلام ويعمل على إضعافه، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقتال الباغين فإذا فسرت هذه الأحاديث على هذا الوجه كان معناها وجوب الصبر على الأئمة فيما لا يضر بالإسلام وعامة المسلمين، وفيما لا يمس التحليل والتحريم، وفيما يستطاع فيه حمل الأئمة بالحسنى على التزام الحق والرجوع إليه.
ولقد استعرض ابن حزم هذه الأحاديث وغيرها مِمَّا يماثلها وَبَيَّنَ أنها لا تؤدي لما فهمه بعض الفقهاء منها، وأن من الواجب على المسلمين «إذا وقع شيء من الجور ولو قل أن يكلموا الإمام في ذلك ويمنعوه منه، فإن اقتنع وراجع الحق وأذعن للقود من البشرة أو من الأعضاء، ولإقامة حد الزنا والقذف والخمر عليه فلا سبيل إلى خلعه وهو إمام كما كان لا يحل خلعه، فإن امتنع من إنفاذ شيء من هذه الواجبات عليه ولم يراجع وجب خلعه وإقامة غيره ممن يقوم بالحق لقوله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢] ولا يجوز تضييع شيء من واجبات الشرائع»(١).
ولو أننا أخذنا رأي الفقهاء القائلين باحتمال أدنى المضرتين إذا أدى العزل لفتنة وفسرنا هذا الرأي على ضوء التجارب التاريخية وعلى الواقع الذي يعيش فيه السلام لتبين لكل ذي