للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتوفرها، فهي إذن فريضة إسلامية واجبة على الحاكمين والمحكومين، فعلى الحاكم أن يستشير في كل أمور الحكم والإدارة والسياسة والتشريع، وكل ما يتعلق بمصلحة الأفراد أو المصلحة العامة وعلى المحكومين أن يشيروا على الحاكم بما يرونه في هذه المسائل كلها، سواء استشارهم الحاكم أو لم يستشرهم.

ولقد أوجب الله على رسوله - وهو الذي ينزل عليه الوحي بالتشريع والتوجيه وحل المشكلات - أن يستشير المسلمين فقال - جَلَّ شَأْنُهُ - {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩]. فأمره أمرًا جازمًا بأن يستشيرهم، وما أمر الله نبيه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشورة من الفضل، وأن يحملهم على الاقتداء بالرسول، وأن يرفع من أقدارهم بإشراكهم في الحكم، وتعويدهم على مراقبة الحكام، وأن يَحُولَ بين الحكام والاستئثار بالحكم والتعالي على الناس.

وروي عن الرسول أنه لما نزلت {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] قال: «أَمَا إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ لَغَنِيَّانِ عَنْهَا - أي المشورة - وَلَكِنْ جَعَلَهَا اللهُ رَحْمَةً لأُمَّتِي فَمَنْ اسْتَشَارَ مِنْهُمْ لَمْ يُعْدَمْ رُشْدًا وَمَنْ تَرَكَهَا لَمْ يُعْدَمْ غَيًّا» وفي هذا الحديث حض شديد على الشورى، فهو يبين لنا أن الشورى تهدي إلى الرشاد، وأن الاستبداد بالرأي يهدي إلى الغي والضلال، وروي عن الحسن

<<  <   >  >>