وفي أول عهد الإسلام كان يكتفي بأخذ رأي أهل الشورى المقيمين بعاصمة الخلافة لوجود أغلب صحابة الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة ولوجود المرشحين للخلافة بها أيضًا، ثم تطور الأمر بعد تفرق الصحابة في الأمصار، فكان يؤخذ أولاً رأي المقيمين بعاصمة الخلافة، لا لتميزهم على غيرهم وإنما لسبق علمهم بخلو منصب الخلافة، ولا مكان أخذ رأيهم قبل غيرهم، فإذا اختاروا خليفة أخذت البيعة له ممن في بقية الأمصار، وكان المقيمون في الأمصار يتابعون أهل العاصمة، وهكذا كان الاختيار عُرْفًا لاَ شَرْعًا للمقيمين في العاصمة، وكان المقيمون في غيرها متابعين في الواقع لا مختارين، وكانت العلة في حرمان أهل الأمصار من الاختيار الصحيح صعوبة جمع أهل الشورى في مكان واحد واستحالة معرفة رأيهم في وقت واحد مع بقاء كل منهم في مكانه. أما اليوم وقد وجدت السكك الحديدية والسيارات والطائرات والسفن البخارية والتلغرافات واللاسلكي، فمن الممكن أن يختار أهل الشورى اختيارًا صحيحًا، وأن يعرف رأيهم في كل مصر وكل قطر في الوقت نفسه الذي يعرف فيه رأي المقيمين بعاصمة الخلافة.
وإذا رجعنا إلى السوابق التاريخية وجدنا أن اختيار أبي بكر تم في اجتماع السقيفة أولاً ثم كانت البيعة العامة في المسجد في اليوم التالي، ولم يتخلف عنها أحد من أصحاب الرأي من الأنصار والمهاجرين إلا أشخاص لا يبلغ عددهم عدد