وليس ثمة ما يمنع أن يتعدد المرشحون للخلافة، ولكن لا يصح أن يختار منهم جميعًا إلا واحدًا، وأهل الشورى مقيدون باختيارهم بأن يختاروا واحدًا توفرت فيه شروط الخلافة فإن توفرت الشروط في أكثر من واحد قدم أهل الشورى أكثرهم فضلاً وأكملهم شروطًا، وليس لهم أن يختاروا من أَدَّاهُمْ اجْتِهَادُهُمْ إلى اختياره قبل أن يعرضوا الأمر عليه، فإن أجاب إليها بايعوه عليها، وإن امتنع عن الإمامة ولم يجب إليها لم يجبر عليها وعدل إلى سواء ممن تتوفر فيه شروطها.
وإذا تكافأ في شروط الإمامة اثنان قدم أسنهما وإن لم يكن ذلك شرطًا، فإن بويع أصغرهما جاز، فإن كان أحدهما أعلم والآخر أشجع روعي في الاختيار ما توجبه الظروف، فإن كانت الحاجة إلى فضل العلم أدعى كان الأعلم أحق.
وإذا تعين لأهل الشورى واحد هو أفضل الجماعة فبايعوه على الإمامة ثم وجد بعده من هو أفضل منه انعقدت ببيعتهم إمامة الأول ولم يجز العدول عنه إلى من هو أفضل منه.
أما إذا ابتدأوا بيعة المفضول مع وجود الأفضل فإن كان ذلك لعذر دعا إليه من كون الأفضل غائبًا أو مريضًا أو كون المفضول أطوع الناس وأقرب إلى القلوب انعقدت بيعة المفضول وصحت إمامته، فإن بويع لغير عذر فقد اختلف في انعقاد بيعته وصحة إمامته فذهبت طائفة إلى أن بيعته لا تنعقد