وكان عمر ينفق كل يوم درهمين له ولعياله وأنفق في حجته ثماني ومائة درهم.
وكان يقول:«إِنِّي أَنْزَلْتُ مَالَ اللهِ - أي مال الدولة - مِنِّي بِمَنْزِلَةِ مَالِ اليَتِيمِ، فَإِنْ اسْتَغْنَيْتُ عَفَفْتُ عَنْهُ، وَإِنْ افْتَقَرْتُ أَكَلْتُ بِالمَعْرُوفِ»، وكان ينظر في هذا إلى قوله تعالى:{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ٦].
وجيء لعمر بمال فبلغ ذلك حفصة أم المؤمنين، فجاءت فقالت: يا أمير الؤمنين حق أقربائك من هذا المال، قد أوصى الله بالأقربين. قال: يا بنية حق أقربائي في مالي، وأما هذا ففيء المسلمين، غششت أباك ونصحت أقرباءك، قومي. فقامت تجر ذيلها.
ورأى عمر في سكة من سكك المدينة صبية تطيش على وجه الأرض تقوم مرة وتقع أخرى، فقال عمر:«يَا وَيْحَهَا يَا بُؤْسَهَا مَنْ يَعْرِفُ هَذِهِ مِنْكُمْ؟»، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنَ عُمَرَ:«أَوَ مَا تَعْرِفُهَا يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟»، قَالَ:«لاَ وَمَنْ هِيَ؟»: قَالَ: «هَذِهِ إِحْدَى بَنَاتِكَ، هَذِهِ فُلاَنَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ»، قَالَ:«وَيْحُكَ وَمَا صَيَّرَهَا إِلَى مَا أَرَى؟»، قَالَ:«مَنْعُكَ مَا عِنْدَكَ»، قَالَ: «وَمَنْعِي مَا عِنْدِي مَنَعَكَ أَنْ تَطْلُبَ لِبَنَاتِكَ مَا يَكْسِبُ الأَقْوِيَاءُ لِبَنَاتِهِمْ؟ إِنَّهُ وَاللهِ مَالَكَ عِنْدِي غَيْرَ