في العام وكان عمر يأخذ كل يوم درهمين على كثرة الأموال العامة في عهد عمر وازدياد الفيء أضعافًا مضاعفة.
على هذا الهدى سار الأئمة المهديون وبه تمسكوا، فهذا علي بن أبي طالب يموت وهو خليفة المسلمين فما يترك صفراء ولا بيضاء كما قال ابنه الحسن إلا ثمانية مائة أو سبعمائة درهم أرصدها لخادمه. ولقد كان علي وهو خليفة يلبس إزارًا غليظًا اشتراه بخمسة دراهم، وكانت حمائل سيفه من الليف، وعرض سيفه للبيع ليشتري لنفسه إزارًا، وكان يقول:«مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي هَذَا السَّيْفَ؟ فَوَالذِي فَلَقَ الحَبَّةَ لَطَالَمَا كَشَفْتُ بِهِ الكَرْبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي ثَمَنُ إِزَارٍ مَا بِعْتُهُ».
وما كان المال بعيدًا عن علي بن أبي طالب لو حرص على المال، فقد كان يربط الحجر على بطنه من الجوع، ويعرض سيفه للبيع ليشتري به إزارًا، في حين أن الإيراد اليومي للأموال التي تصدق بها وأوقفها صدقة جارية على الفقراء أربعة آلاف دينار.
وما كان المال بعيدًا عن علي لو رضى أن يمد يده للأموال العامة ويأخذ منها حاجته (كما فعل من سبقه من الخلفاء) ولكنه حرم نفسه ذلك يوم بويع للخلافة حيث قال: «أَلاَ وَإِنَّهُ لَيْسَ لِي أَمْرٌ دُونَكُمْ، أَلاَ إِنَّ مَفَاتِيحَ مَالِكُمْ مَعِي، أَلاَ وَإِنَّهُ لَيْسَ لِي أَنْ آخُذَ مِنْهُ دِرْهَمًا دُونَكُمْ، أَرَضِيتُمْ؟» قَالُوا: نعم،