تلك هي الأمة الإسلامية، وحدها الله وجمعها على كلمة التقوى، وأقام وحدتها على دعائم ثابتة من الأخوة والتعاون والتضامن والتراحم والأخلاق الكريمة.
وفي سبيل حفظ هذه الوحدة قضى الإسلام على الحواجز الجغرافية والعصبيات الإقليمية والقبلية، وقضى على اختلافات اللغة والجنس واللون، فسوى بين المسلمين تسوية عامة مطلقة غير مقيدة {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: ١٣]. وجعلهم في التسوية بينهم كأسنان المشط الواحد، فلا يفضل أحدهم أخاه إلا بقدر ما تفضل سن المشط الأخرى، ولا فضل بين السنين وذلك قول الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ المُشْطِ الوَاحِدِ».
لقد وضع الإسلام الأحساب والأنساب ولم يجعل لهم في ميزان التفاضل نصيبًا، وحطم العصبية والجنس ولم يجعل لهما في الإسلام شأنًا، وأقام التفاضل على الدين والعمل الصالح والتقوى، وجعل التفاخر بالأحساب والأنساب والعصبيات