والإسلام يوجب على المسلمين أن يكون أمرهم شورى بينهم، وأن يختاروا رئيس الدولة الأعلى، ولكن أكثر رؤساء الدول الإسلامية لا يختارهم المسلمون، إنما يفرضون على المسلمين فرضًا بقوة القانون أو بقوة العصبية أو بقوة الاستعمار وما في ذلك كله من الشورى شيء.
ورئيس الدولة الأعلى يستمد سلطانه من الأمة ويستند في وظيفته إلى رضاء الأمة عنه وهذا هو الأصل في الإسلام، ولكن التاريخ يشهد أن أكثر رؤساء الدول الإسلامية لم يستمدوا سلطانهم من الأمة ولم يعتمدوا عليها ولم يستندوا في بقائهم في مناصبهم إليها، وإذا كان بعضهم استمد سلطانه من قوته أو استند إلى عصبيته، فإن الكثيرين استمدوا سلطانهم من أعداء الإسلام واستندوا في مناصبهم إلى قوة الاستعمار، ولقد طال ما عمل الاستعمار على اقتطاع بعض أجزاء الدولة الإسلامية ليجعل منها إمارات ودويلات ويقيم فيها أمراء ورؤساء يسبحون بحمده، ويعتبرهم بعض جنده، بل لقد حرص الاستعمار من زمن طويل على أن يوقع بين الشعوب ورؤسائها حتى إذا وقعت الواقعه تدخل الاستعمار لحماية الرؤساء من الأمة ولحماية الأمة من الرؤساء، فأما من يخضع له الرئيس فيسنده ويؤيده، وأما من يأبى يجيء بغيره ممن يعتبر نفسه مدينًا بمنصبه للاستعمار أو ممن يعجز عن مناهضة الاستعمار.