ومنطقنا البشري يقتضي أن يكون خالق الشيء هو مالكه، وبهذا المنطق نفسه جاءت نصوص القرآن، فهي قاطعة في أن الله له ملك السموات والأرض وما بينهما:{وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}[المائدة: ١٧ و ١٨]، وأنه يملك كل شيء في السماوات وكل شيء في السموات وكل شيء في الأرض من صغير وكبير سواء كان له قيمة مالية أو لم يكن له قيمة مالية. {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ}[المائدة: ١٢٠]، وأنه - جَلَّ شَأْنُهُ - يملك كل هذا وحده دون أن يكون له في ملكه شريك من البشر أو غير البشر، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ}[الإسراء: ١١١].
ولكن الله - جَلَّ شَأْنُهُ - استعمر البشر في الأرض:{هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}[هود: ٦١]، وجعلهم خلائف فيها على ما سبق بيانه:{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ}[فاطر: ٣٩]، وسخر لهم كل ما خلق في السماوات والأرض وسلطهم عليه بقدر ما يستطيعون من استغلاله واستثماره:{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[لقمان: ٢٠]. {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}[الجاثية: ١٣].
ولم يسخر الله ملكه لفرد دون فرد، أو لفئة دون فئة، وإنما