الله به فيمنعه عن غيره، ويبخل به على من يستحقه، فإن الله يرزق الناس ويؤتيهم ملكه ليقوموا عليه في حدود أمره ونهيه، وإذا فضل الله بعض الناس على بعض في الرزق فلا يحسبن صاحب الرزق الكثير إذا أنفق أو أعطى غيره أنه ينفق أو يعطي من رزقه، وليعلم أنه ينفق من مال الله، وأنه لا يعطي شيئًا من عنده، وإنما هو وسيط أعطى غيره من مال الله كما أخذ لنفسه من مال الله {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}[النحل: ٧١].
ولا يفوتنا أن نلاحظ أن بعض نصوص القرآن نسبت المال لأفراد البشر من ذلك قوله تعالى:{وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة: ١٨٨]، وقوله:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ}[النساء: ٢]. وقوله:{لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}[آل عمران: ١٨٦]. وقوله:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]. وقوله:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة: ١١١]. وقوله:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[الذاريات: ١٩].
وإضافة المال للبشر في هذه النصوص وغيرها لا تفيد أن البشر ملكوا المال، وإنما تفيد أنهم ملكوا حق الانتفاع به، فالمال مال الله كما قدمنا، وهو مالك كل شيء، وإنما سخره للبشر لينتفعوا به، فإذا أضيف إليهم فالإضافة لا يقصد منها إلا