للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التهلكة {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥]. فإذا لم يبذل المسلمون في سبيل الله، وتأييد دينه وإعلاء كلمته كل ما يستطيعون من قوة ومال فقد أهلكوا أنفسهم، ومكنوا لأعدائهم من رقابهم، وروى عن أبي أيوب الأنصاري أنه قال: هذه الآية نزلت فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه. قال بعضنا لبعض سِرًّا: إن أموالنا قد ضاعت، إن الله قد أعز الإسلام، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله الآية يرد علينا ما قلنا، فالتهلكة هي الإقامة على الأموال وإصلاحها والضن بها أن تنفق في سبيل الله.

وإذا كان الله - جَلَّ شَأْنُهُ - قد فضل المجاهدين بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله على المجاهدين في سبيل الله بأموالهم فقط، فإنه وعد كلا الفريقين الحسنى {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [النساء: ٩٥]. فعلى كل من كان في يده شيء من مال الله أن ينفق منه في سبيله ويجاهد به لإعلاء كلمة الله وحياطة الإسلام، ومن فاته الجهاد بنفسه فلا يفوته الجهاد بالمال، فإن من فاته الجهاد بالنفس والمال وهو قادر عليهما فقد فاتته رحمة الله وقدم نفسه لنار جهنم، ولقد كره البعض في عهد رسول رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله فوعدهم الله نار جهنم، ومنع رسوله أن يصلي على

<<  <   >  >>