والعفو هو الفضل أي ما عفت عنه الحاجة وما فضل بعد سدها.
وروي في أسباب نزول الآية الأولى أن نفرًا من الصحابة سألوا رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن حد الإنفاق فأجيبوا على لسان الوحي أن ينفقوا العفو أي ما زاد عن حاجتهم.
ولقد حاول بعض المفسرين أن يفسر العفو بمعنى آخر، فقال: إن العفو نقيض الجهد فيكون معنى الآية أنهم ينفقون مِمَّا سهل عليهم وتيسر لهم مِمَّا يكون فاضلاً عن حاجتهم وهو تفسير متكلف يخالف ظاهر النص ويخالف ما ورد عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قوله:«يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ» والفضل ما زاد عن الحاجة، والكفاف ما كف عن الحاجة ويزيد عن قدرها. وقول الرسول:«طُوبَى لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ، وَأَنْفَقَ الفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَأَمْسَكَ الفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ»، وقوله:«الأَيْدِي ثَلاَثَةٌ، فَيَدُ اللَّهِ العُلْيَا، وَيَدُ الْمُعْطِي التِي تَلِيهَا، وَيَدُ السَّائِلِ السُّفْلَى، فَأَعْطِ الْفَضْلَ، وَلاَ تَعْجَزْ عَنْ نَفْسِكَ» فهذا رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفسر العفو بأنه الفضل وما زاد عن الحاجة، ويدعو إلى إنفاقه جميعًا ويحذر من إمساكه، ويقول في صراحة أنه ملام على الاحتفاظ بما يكفي الحاجة، وإنما الملام على ما زاد عن ذلك.
ولقد حدد بعضهم حاجة المستخلف على المال بالحاجة اليومية،