تعتقد ومبدأ يعتنق إلا بعد أن استوى نظامًا دقيقًا شاملاً ينظم كل شأن من شؤون النفس البشرية، وينظم كل ما تحيط به النفوس من المعاني وما تدركه من المحسوسات، سواء اتصلت بالأفراد أو الجماعات، وسواء اتصلت بدنيانا التي نعيش فيها أو بالحياة الأخرى التي نرجوها حياة طيبة.
والإسلام كعقيدة هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ولكنه كنظام يسيطر على الإنسان سيطرة تامة ويرسم له منهاجًا في الحياة وهدفه منها، كما يرسم له طرائق العمل التي تؤدي إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
الإسلام كنظام يسيطر على المسلم في كل حركاته وسكناته، يسيطر عليه في تفكيره ونيته، وفي قوله وعمله، يسيطر عليه في سره وجهره وفي خلوته وجلوته، يسيطر عليه في قيامه وقعوده وفي نومه ويقظته، يسيطر عليه في طعامه وشرابه وفي ملبسه وحليته، يسيطر عليه في بيعه وشرائه وفي تصرفاته ومعاملاته، يسيطر عليه في جده ولهوه وفي فرحه وحزنه وفي رضاه وغضبه، يسيطر عليه في بأسائه ونعمته وفي مرضه وصحته وفي ضعفه وقوته، يسيطر عليه غنيًا وفقيرًا صغيرًا وكبيرًا عظيما وحقيرًا، يسيطر عليه في بَنِيهِ وَأَهْلِهِ وفي صداقته وعداوته وفي سلمه وحربه، يسيطر عليه فردًا وفي جماعة وحاكمًا ومحكومًا ومالكًا وصعلوكًا، وليس ثمة تصرف يتصوره العقل أو حال يكون عليها الإنسان إلا سيطر فيها الإسلام على المسلم ووجهه الوجهة التي رسمها.