الجماعة على أساس من المساواة والتعاون والتضامن الاجتماعي، وهذه النصوص في مجموعها تكون دستورًا للحكم يَبُذُّ كل دستور وضعي عرف حتى الآن وتكون شريعة تحكم كل التصرفات هي أسمى ما عرف إلى اليوم من تشريعات، وكل هذه أمور لا يقوم عليها ولا يمكن أن يضطلع بها إلا الحكومات والدول، فإذا جاء بها الإسلام وأوجبها، فقد جاء بالحكومة وأوجب قيام الدولة، ما يجادل في ذلك عاقل ولا يستسيغ غيره عقل.
وإذا قلنا أن الإسلام دين ودولة، فقد يذهب الظن بالبعض إلى أن الإسلام يفرق بين الدين والدولة، وهذا ظن خاطئ، فإن الإسلام مزج بين الدين بالدولة، ومزج الدولة بالدين، حتى لا يمكن التفريق بينهما، وحتى أصبحت الدولة في الإسلام هي الدين، وأصبح الدين في الإسلام هو الدولة.
فالإسلام يقيم شؤون الدنيا كلها على أساس من الدين، ويتخذ من الدين سندًا للدولة ووسيلة لضبط شؤون الحكم وتوجيه الحكام والمحكومين.
والدولة المثالية في الإسلام هي الدولة التي تقيم أمور الدنيا بأمر الدين، فتأخذ رعاياها بما أمر الله، وتمنعهم عما نهى الله:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}[الحج: ٤١].
والدين في الإسلام ضروري للدولة، والدولة ضرورة من ضرورات الدين، فلا يقام بغير الدولة، ولا تصلح الدولة بغير الدين.