والتعسف في استعمال حقوقهم، ولمنعهم من الإهمال في أداء واجباتهم، ولمراقبة الحكام والمحكومين في إقامة أمر الله وإنفاذه على وجهه {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران: ١٠٤].
وولاية الخلافة لا تتم إلا باختيار الجماعة للخليفة، ليس ذلك لأنه منطق الضرورات الاجتماعية الذي سبق بيانه، ولكن لأن القرار فرض على المسلمين أن يكون أمرهم شورى بينهم " {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}[الشورى: ٣٨].
فلا يصح أن يستأثر بأمر المسلمين أحد بغير رضاء جماعتهم، ولا تعتبر ولاية الخليفة قائمة إلا باختيار ممن لهم حق اختيار الخليفة، وبالقبول من جانب الشخص الذي وقع عليه الاختيار.
واختيار الخليفة على هذا الوجه يؤكد أن الخلافة ليست إلا عقد نيابة يتم بين الجماعة والخليفة، فَتَكِلُ الجَمَاعَةُ إلى الخليفة أن يقوم فيها بأمر الله، وأن يدير شؤونها في حدود ما أنزل الله، ويقبل الخليفة أن يقوم بالأمر في الجماعة طبقًا لما أمر به الله.
وولاية الخلافة ليست محدودة بمدة معينة، فما دام الخليفة قائمًا بأمر الله وعلى قيد الحياة فهو خليفة. فإذا خرج على أمر الله، أو قامت فيه صفة تستوجب العزل كان للجماعة عزله وتولية غيره، وإذا مات انتهت ولايته بموته.