كان لا يحتاج إلى الإسهاب ليفهم أي أمر، كأنما لديه أطراف كل أمر، فما إن تلقي إليه أوائل الكلمات حتى يفهم ما تريد، بل كان أحيانًا يجهر بما تريد أن تقول له، ويفتي لك فيما تريد أن تسأل عنه.
كان نافذ البصيرة .. يرى ما وراء الأشباح .. في ذلك السر الإلهي قبس.
كان يلتهم كل شيء، لا تجد عِلْمًا وَلاَ فِكْرًا ولا نظرية جديدة في القانون أو الاجتماع أو السياسة أو الأدب، لم يقرأها ولم يلم بها.
وحدثني الرجل القرآني عندما أخذت أراجعه رأيه في صيغة الإسلام للشرق:
قال:«أضرب لك مثلاً تركيا: إنها ستعود إلي الإسلام وإن عوامل ذلك العود قد تبدت منذ الآن». كان هذا الحديث بيني وبينه عام ١٩٤٦ وقد لاحظت في السنوات التالية ما تحقق من قول حسن البنا في مايو ١٩٥٠ بعد أن مضى الرجل إلى ربه حيث هزم حزب مصطفى كمال وانتصر الحزب الذي يقال عنه: إنه رجعي.