فهمًا واضحًا سهلاً يسيرًا كما جاء في حديثه معي، على الطريقة التي فهم بها محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإسلام، إنه قريب في نظري من أبي حنيفة الذي أصر على رفض القضاء، ومالك الذي أفتى في البيعة، وابن حنبل الذي أريد علي هوى فلم يرد.
وأجد حسن البنا قد حرر نفسه من مغريات المجد الناقص، ومفاتن النجاح المبتور ومثل هذا التحرر في نظر (إمرسون) هو غاية البطولة؛ ولذلك فلم يكن عجيبًا أن يقضي الرجل علي هذه الصورة العجيبة فكان فيها كشأنه دائمًا، غير مسبوق.
كان الناس يرونه غريبًا في محيط الزعماء، بطابعه وطبيعته، فلما مات كان غريبًا غاية الغرابة في موته ودفنه، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ غَيْرُ وَالِدِهِ وحملت جثمانه النساء، ولم يمش خلف موكبه أحد من هؤلاء الأتباع الذين كانوا يملؤون الدنيا لسبب بسيط هو أنهم كانوا وراء الأسوار.
لقد نقل الرجل بعد أن أسلم الروح إلى بيته في جوف الليل ومنع أهل البيت من إعلان الفاجعة، وغسله والده، وخيم على القاهرة تلك الليلة كابوس مزعج كئيب، ولقد كان خليقًا بمن سلك مسلك أبي حنيفة ومالك وابن حنبل وابن تيمية مواجهة للظلم ومعارضة للباطل .. أن تختتم حياته على هذه الصورة الفريدة