للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومنها صنف قليل النفع كبير الجسم، وبينها وبين العسالة حرب، فهي تقصدها وتغتالها وتفتح عليها بيوتها، وتقصد هلاكها، والعسالة شديدة التيقظ والتحفظ منها، فإذا هجمت عليها في بيوتها حاولتها وألجأتها إلى أبواب البيوت فتتلطخ بالعسل، فلا تقدر على الطيران، ولا يفلت منها إلا كلّ طويل العمر، فإذا انقضت الحرب وبرد القتال عادت إلى القتلى، فحملتها وألقتها خارج الخلية.

وفي النحل كرام عمال لها سعي وهمة واجتهاد، وفيها لئام كسالى قليلة النفع مؤثرة للبطالة، فالكرام دائماً تطردها وتنفيها عن الخلية، ولا تساكنها خشية أن تعدي كرامها وتفسدها.

والنحل من ألطف الحيوان وأنقاه، ولذلك لا تلقي زبلها إلا حين تطير، وتكره النتن والروائح الخبيثة، وأبكارها وفراخها أحرس وأشد اجتهاداً من الكبار، وأقل لسعاً وأجود عسلاً، ولسعها إذا لسعت أقل ضرراً من لسع الكبار.

ولما كانت النحل من أنفع الحيوان وأبركه فقد خصت من وحي الرب تعالى وهدايته بما لم يشركها فيه غيرها، وكان الخارج من بطونها مادة الشفاء من الأسقام والنور الذي يضيء في الظلام بمنزلة الهداة من الأنام كان أكثر الحيوان له أعداء؛ وكان أعداؤه من أقل الحيوان منفعة وبركة، هذه سنة الله في خلقه وهو العزيز الحكيم ". (١)


(١) شفاء العليل: ص ١٠١.

<<  <   >  >>