ومَنْ علم الأسد إذا مشى وخاف أن يقتفى أثره ويطلب، عفى أثر مشيته بِذَنَبِه، ومن علمه أن يأتي إلى شبله في اليوم الثالث من وضعه، فينفخ في منخريه، لأن اللبوة تضعه جرواً كالميت، فلا تزال تحرسه حتى يأتي أبوه فيفعل به ذلك! .
ومن ألهم كرام الأسود وأشرافها أن لا تأكل إلا من فريستها، وإذا مر بفريسة غيره لم يدن منها ولو جهده الجوع!
ومن علم الأنثى من الفيلة إذا دنا وقت ولادتها أن تأتي إلى الماء فتلد فيه، لأنها دون الحيوانات لا تلد إلا قائمة، لأن أوصالها على خلاف أوصال الحيوان، وهي عالية، فتخاف أن تسقطه على الأرض فينصدع أو ينشق، فتأتي ماء وسطاً تضعه فيه يكون كالفراش اللين والوطاء الناعم.
ومن علم الذباب إذا سقط في مائع أن يتقي بالجناح الذي فيه الداء دون الآخر!
ومَنْ علم الكلب إذا عاين الظباء أن يعرف المعتل من غيره، والذكر من الأنثى، فيقصد الذكر مع علمه بأنّ عدوه أشد وأبعد وثبة، ويدع الأنثى على نقصان عدوها؛ لأنّه قد علم أن الذكر إذا عدا شوطاً أو شوطين حقن ببوله، وكل حيوان إذا اشتد فزعه فإنه يدركه الحقن، وإذا حقن الذكر لم يستطع البول مع شدة العدو، فيقل عدوه، فيدركه الكلب، وأما الأنثى فتحذف بولها لسعة القبل وسهولة المخرج، فيدوم عدوها!.
ومَنْ علمه أنه إذا كسا الثلج الأرض أن يتأمل الموضع الرقيق الذي قد انخسف، فيعلم أن تحته حجر الأرانب، فينبشه، ويصطادها علماً منه بأن حرارة أنفاسها تذيب بعض الثلج فيرق!
ومن علم الذئب إذا نام أن يجعل النوم نوباً بين عينيه، فينام بإحداهما، حتى إذا نعست الأخرى نام بها، وفتح النائمة! حتى قال بعض العرب:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ××× بأخرى المنايا فهو يقظان نائم
ومَنْ علم العصفورة إذا سقط فرخها أن تستغيث، فلا يبقى عصفور