للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بجوارها حتى يجيء، فيطيرون حول الفرخ، ويحركونه بأفعالهم، ويحدثون له قوة وهمة وحركة، حتى يطير معهم!

قال بعض الصيادين: ربما رأيت العصفور على الحائط، فأومي بيدي كأني أرميه فلا يطير، وربما أهويت إلى الأرض كأني أتناول شيئاً فلا يتحرك، فإن مسست بيدي أدنى حصاة أو حجر أو نواة طار قبل أن تتمكن منها يدي.

ومن علم ((اللبب)) وهو صنف من العناكب أن يلطأ بالأرض، ويجمع نفسه، فيرى الذبابة أنه لاه عنها، ثم يثب عليها وثوب الفهد!

ومن علم العنكبوت أن تنسج تلك الشبكة الرفيعة المحكمة، وتجعل في أعلاها خيطاً ثم تتعلق به، فإذا تعرقلت البعوضة في الشبكة تدلت إليها فاصطادتها!

ومن علم الظبي أن لا يدخل كناسه إلا مستدبراً، ليستقبل بعينه ما يخافه على نفسه وخشفه!

ومن علم السنور إذا رأى فأرة في السقف أن يرفع رأسه كالمشير إليها بالعود، ثم يشير إليها بالرجوع، وإنما يريد أن يدهشها فتزلق فتسقط!

ومن علم اليربوع أن يحفر بيته في سفح الوادي حيث يرتفع عن مجرى السيل ليسلم من مدق الحافر ومجرى الماء، ويعمقه ثم يتخذ يف زواياه أبواباً عديدة، ويجعل بينها وبين وجه الأرض حاجزاً رقيقاً، فإذا أحس بالشر فتح بعضها بأيسر شيء، وخرج منه، ولما كان كثير النسيان لم يحفر بيته إلا عند أكمة أو صخرة علامة له على البيت، إذا ضل عنه!

ومن علم الفهد إذا سمن أن يتوارى لثقل الحركة عليه حتى يذهب ذلك السمن، ثم يظهر!

ومن علم الأيل إذا سقط قرنه أن يتوارى، لأنّ سلاحه قد ذهب، فيسمن لذلك، فإذا كمل نبات قرنه تعرض للشمس والريح، وأكثر من الحركة ليشتد لحمه، ويزول السمن المانع له من العدو.

وهذا باب واسع جداً، ويكفي فيه قوله - سبحانه - (وما من دابَّةٍ في الأرض

<<  <   >  >>