واجبة أو مندوبة أو مباحة أو مكروهة أو محرمة .. وقد نسب هذا القول للإمام الشافعي , ومن أتباعه العز بن عبد السلام , والنووي , وأبو شامة، وابن الأثير، والسيوطي. ومن المالكية: القرافي , والزرقاني. ومن الحنفية: ابن عابدين. ومن الحنابلة: ابن الجوزي. ومن الظاهرية: ابن حزم. وسوف يأتي - إن شاء الله - تحقيق نسبة هذه الأقوال لقائليها، وذكر تعريفاتهم للبدعة، ومناقشة ما استدلوا به تفصيلياً في مبحث خاص (١).
وسوف نتوقف - بمشيئة الله - في هذا المبحث مع القول الأول؛ لبيان أقوالهم ومسالكهم في تعريف البدعة، وسوف نعرض لأصولهم في هذا الصدد، فالله المستعان:
(أقوال العلماء في تعريف البدعة على القول الأول:
وبالنظر إلى ما ذكره المحقق الشاطبي في تعريف البدعة نجد أنه ذكر اتجاهين في تعريف البدعة، حيث قال ما ملخصه: [فالبدعة إذن عبارة عن ((طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه)) وهذا على رأي من لا يدخل العادات في معنى البدعة، وإنما يخصها بالعبادات، وأما على رأي من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقول:((البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية)) ولا بد من بيان ألفاظ هذا الحد. فالطريقة والطريق والسبيل والسنن هي بمعنى واحد وهو ما رسم للسلوك عليه وإنما قيدت بالدين لأنها فيه تخترع وإليه يضيفها صاحبها وأيضاً فلو كانت طريقة مخترعة في الدنيا على الخصوص لم تسم بدعة كإحداث الصنائع والبلدان التي لا عهد بها فيما تقدم.
ولما كانت الطرائق في الدين تنقسم ـ فمنها ما له أصل في الشريعة، ومنها ما ليس له أصل فيها ـ خص منها ما هو المقصود بالحد وهو القسم المخترع، أي طريقة ابتدعت على غير مثال تقدمها من الشارع، إذ البدعة إنما خاصتها أنها خارجة عما رسمه الشارع، وبهذا القيد انفصلت عن كل ما ظهر لبادي الرأْي أنه مخترع مما هو متعلق
(١) ولعل ذلك يكون بمشيئة الله بالرد على رسالة الغماري التي جمع فيها أقوال هذا المذهب وانتصر له حتى أصبحت رسالته الجامعة لشتات أقوال وأدلة هذا القول عمدة في بابها يتشدق بها المبتدعون ٠