للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنما هو بالنظر لفعل المكلف، فقد اعتبر ما تركه المكلف تدينا بدعة تركية، ولما كان الترك فعل لم يبق لإفراد هذا القسم وجه، والأولى ما سبق من إرجاع معنى البدعة التركية لفعل ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع وجود المقتضى وانتفاء الموانع، والاصطلاح على أن ذلك هو المقصود بالبدعة التركية، ويكون ذلك غير الابتداع بالترك الذي ذكره الشاطبي هنا في هذه العبارة، وإن كنا لا ننازعه اصطلاحه، ولا شمول البدعة التركية لما ذكر أيضاً، وإنما نحن نتكلم عن اصطلاحنا نحن.

المبحث الثالث: بيان أن البدع تكون في كل ما يتعلق به الخطاب الشرعي من الأعمال [أي الأقوال والأفعال، للجوارح والقلب] (١):

وقد سبق كلام ابن رجب، وابن تيمية، والألباني، والجزائري في هذا الصدد عند الكلام على تعريف البدعة فراجعه.

قال الشاطبي: [وكما يشمل الحد الترك يشمل أيضاً ضد ذلك. وهو ثلاثة أقسام: قسم الاعتقاد، وقسم القول، وقسم الفعل، فالجميع أربعة أقسام. وبالجملة، فكل ما يتعلق به الخطاب الشرعي، يتعلق به الابتداع] (٢).

وقال الغامدي: [ومما يتعلق به الخطاب الشرعي الفعل والترك، وقد سبق الكلام عن الترك، أما الفعل فهو من حيث تعلق الخطاب الشرعي به فهو على ضربين: أحدهما: متعلق بمراد الشارع من حيث الحظر والإباحة، وهو ما أصطلح عليه باسم العبادات والمعاملات.

الثاني: متعلق بفعل المكلف وهو على ثلاثة أقسام: قسم الاعتقاد، قسم القول، قسم الفعل ... وكل هذه الأضرب والأقسام تدخلها البدع وإليك البيان:


(١) قال ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام (١/ ١٧) عند كلامه على حديث: (إنما الأعمال بالنيات): (ما يتعلق بالجوارح وبالقلوب , قد يطلق عليه عمل , ولكن الأسبق إلى الفهم: تخصيص العمل بأفعال الجوارح , وإن كان ما يتعلق بالقلوب فعلا للقلوب أيضا. ورأيت بعض المتأخرين من أهل الخلاف خصص الأعمال بما لا يكون قولا. وأخرج الأقوال من ذلك وفي هذا عندي بعد. وينبغي أن يكون لفظ " العمل " يعم جميع أفعال الجوارح. نعم لو كان خصص بذلك لفظ " الفعل " لكان أقرب. فإنهم استعملوهما متقابلين , فقالوا: الأفعال , والأقوال. ولا تردد عندي في أن الحديث يتناول الأقوال أيضا. والله أعلم).
(٢) الاعتصام: ١/ ٤٥.

<<  <   >  >>