للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم والعمل] (١).

الأصول (الأدلة):

والمراد بهذا الباب بيان الأدلة التي يعتمد عليها العمل ليحكم عليه بأنه سنة لا بدعة، ومنها أصول متفق عليها كالكتاب، والسنة، والإجماع، وأخرى مختلف فيها، كسنة الخلفاء الراشدين، وعمل (قول أو فعل) الصحابي.

وسوف أفرد الكلام هنا على الأصول المختلف فيها لبيان القول المختار في حجيتها:

[المبحث الأول: سنة الخلفاء الراشدين]

روى أبو داود عن العرباض - رضي الله عنه - أنه قال: «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا فقال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» (٢).

قال ابن رجب: [هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه وفي الأعمال والأقوال والاعتقادات وهذا موافق لما روي عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة وأنها كلها في النار إلا فرقة واحدة وهي ما كان عليه وأصحابه ولذلك في هذا الحديث أمر عند الافتراق والاختلاف بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده والسنة هي الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال وهذه هي السنة الكاملة ولهذا كان السلف قديما لا يطلقون اسم السنة إلا على ما يشمل ذلك كله وروي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض وكثير من العلماء المتأخرين يخص اسم السنة بما


(١) الموافقات ٣/ ٥٦: ٧٦.
(٢) رواه أبو داود في كتاب السنة (٣٥)، باب في لزوم السنة (٦)، (٤/ ٢٠٠) حديث رقم (٤٦٠٧)، وغيره وصححه الألباني.

<<  <   >  >>