الله تعالى:{بَدِيعُ السَّموَاِت والأرْضِ} أي مخترعهما من غير مثال سابق متقدم، وقوله تعالى:{قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِن الرُّسُل}، أي ما كنت أول من جاءَ بالرسالة من الله إلى العباد بل تقدمني كثير من الرسل، ويقال: ابتدع فلان بدعة يعني ابتدأ طريقة لم يسبقه إليها سابق. وهذا أمر بديع، يقال في الشيء المستحسن الذي لا مثال له في الحسن، فكأنه لم يتقدمه ما هو مثله ولا ما يشبهه. ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة، فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداع، وهيئتها هي البدعة، وقد يسمى العمل المعمول على ذلك الوجه بدعة: فمن هذا المعنى سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة، وهو إطلاق أخص منه في اللغة] (١).
ثانياً: تعريف البدعة اصطلاحاً:
أما في الاصطلاح , فقد تعددت تعريفات البدعة وتنوعت ; لاختلاف أنظار العلماء في مفهومها ومدلولها. فمنهم من وسع مدلولها , حتى أطلقها على كل مستحدث من الأشياء , ومنهم من ضيق ما تدل عليه , فتقلص بذلك ما يندرج تحتها من الأحكام. وسنوجز ذلك في قولين:
[القول الأول]
اتجه فريق من العلماء إلى ذم البدعة , وقرروا أن البدعة كلها ضلالة , سواء في العادات أو العبادات. ومن القائلين بهذا الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، ومالك، وأحمد، وهو اختيار طائفة من أتباعهم كالشمني، والعيني، والطرطوشي، والشاطبي، وابن رجب، وابن تيمية، وهو اختيار طائفة من محققي الشافعية كالبيهقي، وابن حجر الهيتمي، وقال به طائفة من الصحابة والتابعين كما سبق نقل أقوالهم آنفاً في مبحث ذم البدع، والمبتدعين.
[القول الثاني]
أطلق أصحاب هذا القول البدعة على كل حادث لم يوجد في الكتاب والسنة , سواء أكان في العبادات أم العادات , وسواء أكان مذموما أم محموداً، ويرى هؤلاء العلماء أن البدعة تنقسم إلى حسنة وسيئة فإن وافقت السنة فهي حسنة محمودة وإن خالفت السنة فهي سيئة مذمومة.
وبناء على هذا الأساس قالوا إن البدعة تنقسم إلى الأقسام الخمسة فهي إما أن تكون