للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج- يؤخذ من الحديث جواز فعل وإحداث أمور لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يشترط في كل فعل أن يكون موجوداً في عهد السلف).

والجواب من وجوه:

الأول – إن قصد بالحدث الذي يُلحق بالدين والموافق لأصول الشريعة: المصالح المرسلة التي تكون في الوسائل بالشروط سالفة الذكر فنعم، وإن قصد الحدث التعبدي فهذا لا يكون موافقا أبدا لقواعد الدين لمنافاته لكمال الشريعة وتمام الدين وسوف يتجه النقض لهذا المعنى الثاني؛ لأنه مقصوده. ويوضحه:

الثاني – قوله: (قوله صلى الله عليه وسلم: "أمرنا"، و "ديننا"، فهو شامل لكل المحدثات سواء كانت من العبادات أو المعاملات أو غير ذلك، لأن كلمة "أمرنا" و "ديننا" كلمة عامة، فكل ما له أصل عام فهو مقبول يندرج تحت البدعة الحسنة، وكل ما ليس له أصل عام فهو مردود من البدع السيئة، وهذا نص الحديث ينطق بالحق) صريح في أنه يرى شمول الحدث المذموم والمحمود للعادات والعبادات، وأنه يريد أن يحمل الحديث على ذلك، ويرده ما رواه أحمد، وأصله في مسلم وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان شيء من أمر دنياكم فأنتم أعلم به، فإذا كان من أمر دينكم فإلي" وما سقته من أحاديث وآثار في قاعدة "الأصل في العبادات المنع والتوقيف" فكل هذا يؤيد أن الأصل في العبادات التوقف، وأن كل ما أحدث بقصد التعبد فهو مذموم، وإنما الحدث المحمود ما كان متعلقا بأمور الدنيا.

الثالث - أن هذا استدل منه بمحل النزاع فقد بنى كلامه على صحة تقسيمه للبدع لقسمين: محمودة، ومذمومة، وللمخالف أن يعارضه ويتمسك بعموم الذم لجميع المحدثات في الدين.

الرابع – أن المفهوم الذي خصص به عموم الحديث معطل؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (ما ليس منه) جاء موافقا للواقع، وهذا من موانع اعتبار مفهوم المخالفة.

قال الشيخ الشنقيطي في "المذكرة" (ص/٢٨٩)، وهو يتكلم عن موانع اعتبار مفهوم المخالفة: (تخصيصه بالذكر لموافقة الواقع كقوله تعالى: ((لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ)) الآية. فإنها نزلت في قوم والوا اليهود من دون المؤمنون فجاءت الآية ناهية عن الحالة الواقعة من غير قصد التخصيص بها). ويوضحه:

الخامس – معنى الحديث لا يعارض حديث "كل بدعة ضلالة" بل يوافقه، فالمقصود بيان أن كل محدث ليس من الدين، والمفهوم الذي استدل به معطل، بقرينة ما ورد في

<<  <   >  >>