للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخذه عن الدليل السمعي، والأشاعرة الذين قالوا بأن العقل لا يدرك حسن الشيء ولا قبحه مطلقاً، وإنما الحسن ما حسّنه الشرع، والقبح ما قبّحه الشرع.

ومذهب أهل السنة هو الوسط الذي قال بإدراك العقل حسن الشيء وقبحه، ولكن بدون أن يكون مستلزماً لأمرٍ أو نهي أو ثواب أو عقاب، لأن ذلك من خصائص الشارع الحكيم ... ومن هنا نقول بأن استحسان العقل أو الذوق لفعل من الأفعال لا يكون مبرراً لإٌحداثه واعتباره سنة حسنة، لأنه لو اعتبر ذلك، من غير نظر إلى حكم الشارع لا نفرط عقد الشريعة، ولقال كل من شاء ما شاء، ولفعل كل إنسان ما أملاه عليه عقله أو ذوقه، فإذا عُلم ـ مع ما سبق ـ مقدار تنوع عقول الناس وأفهامهم وأذواقهم، عُرف كم في حشايا القول باستحسان البدع من خطرٍ على الدين، وافتئات على الله وشرعه القويم الكامل، الذي قال فيه جل وعلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً}) (١).

الثاني – قال الشيخ عبد القيوم السحيباني في "اللمع" (ص/١٧): (أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ((من سن))، ولم يقل ((من ابتدع)). وقال: ((في الاسلام)). والبدع ليست من الإسلام، وقال: ((حسنة))، والبدعة ليست بحسنة.

ولا يخفى الفرق بين السنة والبدعة، فإن السنة هي الطريق المتبع، والبدعة هي الإحداث في الدين (٢).

وقال أبو معاذ السلفي في "البراهين على ألا بدعة حسنة في الدين": (لا يمكن أن يكون معنى: «من سن في الإسلام سنةً حسنة ً» أي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة لأن بهذا يكون معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل بدعة ٍضلالة» «كل سنة ضلالة».

فمن جعل هذا هو معنى ذاك فقد أبعد النجعة وحرف الكلم عن مواضعه) (٣).

الثالث (٤) - لم ينقل عن أحد من السلف أنه فسَّر السنة الحسنة، بالبدعة التي يحدثها الناس من عند أنفسهم.


(١) وانظر الاعتصام (١/ ٢٢٧)، وما بعدها.
(٢) وانظر: "أقوم السنن في نقض تقسيم البدع إلى سيئ وحسن" (ص/٥٤)، و"تحذير المسلمين" (ص/٦٧ - ٨٦)، "موقف أهل السنة والجماعة من أهل البدع والأهواء" (ص/١١٤).
(٣) «موسوعة أهل السنة» للشيخ عبدالرحمن دمشقية حفظه الله (١/ ٣٤٠) بتصرف.
(٤) انظر اللمع (ص/١٧)، والبدعة وأثرها السيئ للشيخ الهلالي (ص/٧٥).

<<  <   >  >>