للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتتبع هذا يطول.

تعقيب:

قال الحميري في "البدعة الحسنة" (ص/٥٤) بعد أن ذكر صورا من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لبعض اجتهادات الصحابة وصورا لما أنكره من اجتهاداتهم: (فإن قال قائل: إن ذلك جائز في حياته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه سيعلمه إما بإخبارهم أو بوحي من الله تعالى، فإن كان هدى أقره، وإن كان ضلالة رده، أما بعد حياته صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي فذلك غير جائز.

قلنا: إن من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من أحدث أشياء ليس له فيها نص بعينها، وهو يعلم أنه لن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد لينظر فيما فعل أهو سنة حسنة أم بدعة ضلالة، ومن ذلك صلاة سيدنا خُبَيْب بن عدي رضي الله عنه ركعتين قبل أن يقتل حيث جاء في حديث البخاري: فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبراً.

قال الدكتور محمود عبود هرموش في كتابه (البدعة وأثرها في اختلاف الأمة): "وفي هذا تصريح واضح بأن خبيباً اجتهد في توقيت العبادة ولم يسبق من الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر ولا فعل، وهو علم أنه سيموت قبل أن يعرض عمله هذا على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك أقدم على هذا العمل وهو يعلم أنه لن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو أراد أحد إيقاع الصلاة في غير أوقات الكراهة التي نهى الشارع عن إيقاع الصلاة فيها، فإن هذا الفعل يكون من قبيل السنة الحسنة، وأما من يوقعها في أوقات النهي فإن فعله يكون من قبيل البدعة المذمومة لكونها وقعت مخالفة لهديه وسنته صلى الله عليه وسلم. انتهى.

أقول: فهل مات سيدنا خبيب ضالاً مبتدعاً بإحداثه هاتين الركعتين قبل أن يعلم بأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقره عليهما؟!! حاشا وكلا، بل هو المؤمن الصالح والشهيد الكريم الذي رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامه فقال: "وعليك السلام يا خبيب قتلته قريش" ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قد انتقل إلى الرفيق الأعلى وانقطع الوحي، فإن نصوص القرآن والسنة ما زالت موجودة محفوظة ولله الحمد، وما زالت قواعد الشرع الحنيف ومقاصده قائمة معلومة يعرض عليها كل محدث وجديد، فإن قبل في ميزانها كان بدعة حسنة، وإلا فهو بدعة ضلالة نبرأ إلى الله منها، ولسنا

<<  <   >  >>