للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرابع: الترك المجرد، وهو الذي ليس من الأقسام السابقة، وهو نوعان:

الأول: ما علم حكمه في حقه بقوله - صلى الله عليه وسلم -، أو باستنباط. والثاني: ما لم يعلم حكمه.

فأما ما علمنا حكمه في حقه بدليل، فينبغي أن يكون حكمنا فيه كحكمه. أخذاً من قاعدة المساواة في الأحكام.

وأما ما لم نعلم حكمه في حقه - صلى الله عليه وسلم -، فما ظهر فيه أنه تركه تعبداً وتقرباً نحمله على الكراهة في حقه، ثم يكون الحكم في حقنا كذلك أخذا من قاعدة المساواة، كتركه ردّ السلام على غير طهارة حتى تيمم (١).

وما لم يظهر فيه ذلك، نحمله على أنه من ترك المباح، كتركه السير في ناحية من الطريق، أو الجلوس في جهة من المسجد.

فعلى ما تقدم ذكره لا فرق بين الفعل والترك في التأسي فيهما، وقد صرح الشوكاني بذلك فقال: " تركه للشيء كفعله له في التأسي به فيه " (٢).

وقال ابن السمعاني: " إذا ترك - صلى الله عليه وسلم - شيئاً وجب علينا متابعته فيه " (٣)، ومقصوده بالمتابعة المساواة في حكم الترك، كما تقرر عندنا أن ذلك مراده بهذه العبارة في بحث الأفعال. وليس مقصوده أنه يجب علينا أن نترك ما ترك في جميع الأحوال. فظاهر كلامهم التسوية بين الفعل والترك في مراتب التأسي] (٤).

أسباب الترك:

قال الأشقر: [إن ما تركه - صلى الله عليه وسلم - مما كان مظنة أن يفعله كثيراً ما كان يتركه لسبب قائم لولاه لفعله. وترجع تلك الأسباب إلى أنواع منها:


(١) رواه البخاري.
(٢) إرشاد الفحول ص/٤٢.
(٣) البحر المحيط للزركشي (٦/ ٧٠).
(٤) أفعال الرسول للأشقر (٢/ ٥٣: ٥٥).

<<  <   >  >>