للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الماجشون: سمعت مالكاً يقول: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة، لأن الله يقول: {اليوم أكملتُ لكم دينكم} فما لم يكن يومئذٍ ديناً، فلا يكون اليوم ديناً] (١).

القاعدة الثانية: الأصل في العبادات المنع والتوقيف (الإتباع):

قال د. عفانة: [الأصل في العبادة الإتباع: إن الأصل في باب العبادات هو إتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدون زيادة ولا نقصان فليس لأحد مهما كان أن يزيد في العبادة شيئاً ولا أن ينقص منها شيئاً وقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديثين صحيحين مشهورين بالالتزام بالعبادة كما فعلها هو عليه الصلاة والسلام.

أولهما: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وهذا بعض حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه بسنده عن أبي قلابة قال: حدثنا مالك - هو ابن الحويرث - رضي الله عنه - قال: (أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين يوماً وليلة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيماً رفيقاً فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه. قال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم). فهذا الحديث الصحيح الصريح يقرر هذا الأصل وهو لزوم الإتباع في الصلاة كما كان

النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فنؤدي الصلاة كما وردت عن رسول - صلى الله عليه وسلم - بلا زيادة ولا نقصان.

ثانيهما: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (خذوا عني مناسككم) وهو حديث صحيح رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم بألفاظ متقاربة.

روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي الزبير أنه سمع جابراً يقول: (رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه).

قال الإمام النووي في شرحه للحديث: (وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لتأخذوا مناسككم) فهذه اللام لام الأمر ومعناه خذوا مناسككم وهكذا وقع في رواية غير مسلم،


(١) الاعتصام (١/ ٤٨ – ٤٩).

<<  <   >  >>