للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدعة وإن كان الشرع قد حث على الجماعة وعلى صلاة الجماعة وأن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد (١)] (٢).

وما قاله الشيخ عفانة وإن كان صحيحاً من ناحية النتيجة، إلا أن عبارته غير سديدة، فمقصود القاعدة التي نقلها عن الشيخ الألباني، واستفادها الألباني من الشاطبي مؤداها صحيح إلا أنه أخطأ في صياغتها، وبيان ذلك من وجوه:

الأول: تصدير عبارته بقوله: (لا يجوز إثبات نوع من العبادات لدخوله تحت الدليل العام) يستشعر منه إلغاء دلالة الدليل العام على أجزائه، وأنه لا يجوز العمل بالدليل العام، وهذا خطأ، كما قدمنا الكلام على هذه المسألة.

الثاني: أن تطبيق هذه القاعدة غير مطرد، وسأذكر هنا بعض الأمثلة التي أعمل فيها الشيخ الألباني - الذي ينقل عنه هو هذه القاعدة - النصوص العامة فقط دون نقل خاص.

قال الشيخ الألباني: [المستحب أن يقول كما يقول المقيم: " قد قامت الصلاة " لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول. . "] (٣).

وقال أيضاً: [نرجح مشروعية الاستعاذة في كل ركعة لعموم قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) وهو الأصح في مذهب الشافعية ورجحه ابن حزم في " المحلى "] (٤).

وقال أيضاً مرجحاً الجمع للمأموم بين التسميع والتحميد في ذكر الاعتدال من الركوع معلقا على قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما جعل الإمام ليؤتم به .. وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد ... ) (٥): [هذا الحديث لا يدل على أن المؤتم لا يشارك الإمام في قوله: " سمع الله لمن حمده " كما لا يدل على أن الإمام لا يشارك المؤتم في قوله: " ربنا لك الحمد " إذ الحديث لم يسق لبيان ما يقوله الإمام


(١) انظر فتاوى الألباني ص ٤٩ - ٥٠.
(٢) البدعة لحسام عفانة ص/ ٥٢، وما بعدها.
(٣) تمام المنة (ص/١٤٩)، وانظر الثمر المستطاب (١/ ٢١٥ - ٢١٦).
(٤) تمام المنة (ص/١٧٧).
(٥) رواه مسلم، وغيره.

<<  <   >  >>