للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الركوع (١)، وعدم تمسكه بالعموم الوارد في حديث سهل ووائل بن حجر كما أوضح الشيخ ابن باز في رده على الشيخ الألباني (٢)، وعليه فإما أن يكون الشيخ الألباني - رحمه الله - أخطأ في عدم إعمال العام في المسألة الأخيرة كسابقيها، ولعله لم يقف عليه، وخاصة أنه لم يشير إليه في أثناء تقريره للقول بالبدعية، أو أنه كان يضطرب في تطبيق هذه القاعدة فكان يعمل العام أحياناً إذا لم يكن هناك نقل خاص، وأحياناً لا يعمله طبقاً لاجتهاده.

والثاني أقرب، والله أعلم.

وبقي التنبيه إلى أن الاستدلال بالدليل العام في أمور العبادات لا يكفي إلا لمجرد إثبات أصل العبادة، وهذا لا يكفي في أمور التعبد، ولكن بقي النقل الخاص الذي يثبت الوصف، فإن اختل الأول كانت البدعة حقيقية، وإلا فإضافية كما سبق بيان ذلك.

وعليه فالأولى لعبارة الشيخ عفانة أن تكون هكذا: (لا يجوز إثبات نوع من العبادات لدخوله تحت الدليل العام فقط، بل لا بد من دليل خاص)، ويدخل في الدليل الخاص فهم وقول وعمل الصحابة - رضي الله عنهم -.

وهنا تقرر القاعدة التالية:

القاعدة الخامسة: العمل بالأدلة الشرعية يكون مقيداً بعمل السلف الصالح بها:

وهذا أصل أخص مما سبق ومؤكد له.

قال الشاطبي: [كل دليل شرعي لا يخلو أن يكون معمولا به في السلف المتقدمين دائما أو أكثريا أو لا يكون معمولا به إلا قليلا أو في وقت ما. أو لا يثبت به عمل، فهذه ثلاثة أقسام:

أحدها أن يكون معمولا به دائما أو أكثريا فلا إشكال في الاستدلال به ولا في العمل على وفقه وهي السنة المتبعة والطريق المستقيم كان الدليل مما يقتضي إيجابا أو ندباً أو غير ذلك من الأحكام كفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله في الطهارات والصلوات على تنوعها من فرض أو نفل والزكاة بشروطها والضحايا


(١) انظر صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - هامش (ص/٨٢).
(٢) انظر رسالة ثلاث رسائل في الصلاة لابن باز (ص/٣٣ - ٤٣).

<<  <   >  >>