مخالفة الصحابة ويتكثرون بموافقتهم وأكثر ما تجد هذا المعنى في علوم الخلاف الدائر بين الأئمة المعتبرين فتجدهم إذا عينوا مذاهبهم قووها بذكر من ذهب إليها من الصحابة وما ذاك إلا لما اعتقدوا في أنفسهم وفي مخالفيهم من تعظيمهم وقوة مآخذهم دون غيرهم وكبر شأنهم في الشريعة وأنهم مما يجب متابعتهم وتقليدهم فضلا عن النظر معهم فيما نظروا فيه ...
وأيضا فقد وصفهم السلف الصالح ووصف متابعتهم بما لا بد من ذكر بعضه فعن سعيد بن جبير أنه قال: ما لم يعرفه البدريون فليس من الدين. وعن الحسن وقد ذكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: إنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوما اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فإنهم ورب الكعبة على الصراط المستقيم. وعن إبراهيم قال: لم يدخر لكم شيء خباء عن القوم لفضل عندكم. وعن حذيفة أنه كان يقول: اتقوا الله يا معشر القراء وخذوا طريق من قبلكم فلعمري لئن اتبعتموه فقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن تركتموه يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا. وعن ابن مسعود: من كان منكم متأسيا فليتأس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا وأقومها هديا وأحسنها حالا قوما اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. وقال علي: إياكم والاستنان بالرجال ثم قال فإن كنتم لا بد فاعلين فبالأموات لا بالأحياء. وهو نهي للعلماء لا للعوام ... وعن حذيفة قال: اتبعوا آثارنا فإن أصبتم فقد سبقتم سبقا بينا وإن أخطأتم فقد ضللتم ضلالا بعيدا ٠ وعن ابن مسعود نحوه فقال: اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم. وعنه: أنه مر برجل يقص في المسجد ويقول سبحوا عشرا وهللوا عشرا فقال عبد الله إنكم لأهدى من أصحاب محمد أو أضل بل هذه بل هذه يعني أضل. والآثار في هذا المعنى يكثر إيرادها وحسبك من ذلك دليلا مستقلا وهو:
الرابع ما جاء في الأحاديث من إيجاب محبتهم وذم من أبغضهم وأن من أحبهم فقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم ومن أبغضهم فقد أبغض النبي عليه الصلاة والسلام وما ذاك من جهة كونهم رأوه أو جاوروه أو حاوروه فقط إذ لا مزية في