العمل الذي شرع أصله ولكنه يصير جارياً مجرى البدعة من باب سد الذرائع. كأن يلتزم النوافل التزام السنن الرواتب، إما دائماً وإما في أوقات محدودة وعلى طريقة محدودة ... ومثال هذا أن يلتزم صلاة نافلة مطلقة في وقت معين، ويداوم على ذلك ويظهرها في المساجد أو يقيمها جماعة ...
والسبب في اعتبار هذا العمل وأمثاله من البدع الإضافية، التي تكاد تعد سنة محضة هو أن العامل له يُخرج العمل عن بابه الذي وضعه الشرع فيه، ويضع له خاصية ليست مشروعة له ... وهذا زيادة على الشرع وتقييد بلا دليل، حتى مع افتراض أن العمل في ذاته صحيحاً فإخراجه عن بابه اعتقاداً وعملاً من باب إفساد الأحكام الشرعية، ومن باب التزوّد على الشرع والتقديم بين يدي الله ورسوله.
وقد تعرض الإمام الشاطبي رحمه الله لأمور أخرى غير ما سبق وعدها من البدع الإضافية منها:
١ - المتشابه: ويراد به كل عمل اشتبه أمره فلم يتبين أهو بدعة فيُنهى عنه أم غير بدعة فيعمل به ... وهذا المشتبه فيه من حيث البدعة أو عدمها، يخرج بسبب هذا التردد بين الحل والحرمة من نطاق البدعة الحقيقية؛ لأنه كما مرّ: أن البدعة الإضافية ذات وجهين، وتعلق بأمرين، أحدهما مشروع
والأخر ممنوع، ومن أجل ذلك قيل إن هذا القسم من قبيل البدع الإضافية، وله أمثلة ذكرها الشاطبي يأتي هنا إيجاز بعضها.
المثال الأول:
إذا تعارضت الأدلة على المجتهد في أن العمل الفلاني سنة يُتعبد بها أو بدعة فلا يصح التعبد بها، ولم يستطع أن يجمع بين الأدلة ولم يتبين له إسقاط بعضها بنسخ أو ترجيح أو تخصيص أو تقييد وغير ذلك، من طرق ووسائل الترجيح. فلو عمل بمقتضى أدلة المشروعية من غير مرجح لكان عاملاً بمتشابه لإمكان صحة الأدلة على عدم المشروعية، فالصواب الوقوف عن العمل استبراءً لدينه وتنزيهاً عن الوقوع في الشبهات، مع أن هذا قد يقع لمجتهدٍ فيكون عنده من المشتبهات، ولا يقع لآخر فيكون من الواضحات.