وأما ما يتعلق بالرواتب وإنها لازالت لم تبطل بتمامها، وإن البعض منها لا زال: فجوابه أن من يستعمل منهم أيا كان في أمر كيف ما كان، فإنما يستعمل بأجرته وعن طيب نفسه، وحيث كان الأمر كذلك فلا معنى للتشكي به، ولا للتظلم بما هنالك، فالسير مع جميعهم: اليهود المراكشية وغيرهم على مقتضى الحق والعدل وهو أصل شريعتنا، وعليه عمل أهل ملتنا، وإن وقع لأحد خلاف ذلك فمن غير شعور منا، ولو رفع ذلك إلينا لأنكرناه ورددناه، وما أقررناه.
بل جل اليهود في هذه الأزمنة هم الذين خرجوا عن طورهم، وصاروا يتطاولون على المسلمين بالقول والفعل، فرفعوا أنفسهم فوق قدرهم، وأكثروا من التعامل بالأموال الكثيرة مع الأخلاط من غير تمييز بين من يصلح لذلك ومن لا، مع أن التمييز هو حق ذوي التثبت والاحتياط، وزادوا أنهم كثيرا ما يعاملون من ليس بذي درهم فضلا عن دينار، فإذا حل الأجل أتوا بكتاب حميتهم الخاصة ظنا منهم أنهم مظلومون، فيفعل ذلك تقليلا للهرج، وميلا لحسن الجوار، وكثيرا ما يؤدي ذلك إلى اقتضائه من بريء لكونه قريب المدين في القبيلة والدار، وكنا بصدد شرح هذا الأمر لكم، لعلمنا أنكم لا توافقون عليه عند مراجعتكم، واجتماعكم في ناديكم، لما فيه من الظلم الكثير، والفساد الكبير، إذ ما بين المسلمين واليهود في ذلك إلا سلوك طريق شرعنا، والمعسر أنظره الله كما هو ثابت بنص كتابنا، على أن ذلك مضرٌّ بهم في الحال والمآل.
أما الأول فلكون الذي أخذ منه ذلك وهو بريء قضاء عن غيره، ربما أوقع باليهودي رب الدين مكروها: قتلا أو غيره على وجه لا يشعر به أحدا، وقد وقع شيء من ذلك وشاهدوه، وها هم بين أظهركم يخبرونكم بذلك إن لم يكتموه ويجحدوه.