فهو ليس معنيا بالتسامح مع غرمائه التقليديين، وإنما عليهم هم أن يتسامحوا معه ومع اليهود المحاربين والغاصبين وسندهم الدائم النصراني.
ثم أين التسامح في الفكر العلماني الحداثي عموما، ولا منهج له في دولنا إلا الاستئصال والنبذ والإقصاء؟
وأين التسامح في العلمانية الفرنسية مع أبناء بلده الجزائر لما كان تحت الاحتلال؟
وأين التسامح فيما يجري في العراق وأفغانستان وفلسطين؟
أليست العلمانية هناك هي القاتلة الناهبة المستعمرة؟
أين التسامح لما كانت الشيوعية تبيد الملايين، وتحول المساجد إلى اصطبلات؟
أليست فرنسا العلمانية داعما مركزيا للصهيونية العنصرية؟
كان العلمانيون يهدفون إلى توجيه ضربات موجعة للإسلام وعقائده وعلومه ورموزه عبر ترسانة ضخمة من المفاهيم والآليات النقدية الغربية.
لكن أثبتت التجارب والملاحظات فشل هذا المشروع التغريبي، وثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه كلما زادت جرعات العلمنة في المجتمع زادت قوة التدين، وأن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار مضاد له في الاتجاه (١). مما يؤكد ما قاله جماعة من الغربيين إن الإسلام يشكل استثناء في قبول العلمنة.
(١) قال فرانسوا بورجا في كتابه الإسلام السياسي: إن مقدار ضغط الغرب على المسلمين هو نفسه مقدار صحوة المسلمين مرة أخرى. الجديد في المخطط الغربي تجاه المسلمين (٣٨).