البخارى فى ذلك من استحباب صلاة ركعتين لمن شاء، ورأيه هذا يرجع إلى أن عمل أهل المدينة أدل على السنة من حديث آحاد، وهم لا يتنفلون قبل المغرب، فاتباعهم أولى من رواية البخارى.
ـ وأبو حنيفة ومالك جميعاً يكرهون أن يصلى المرء تحية المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة، ويردون ما رواه البخارى فى ذلك بردود شتى.
ـ وأغلب الأئمة يرفض ما روى.. فى الصحيح من أن رضاعة الكبار تثبت حرمة المصاهرة، ويرون أن الرضاعة المثبتة المحرمة ما كان فى فترة الطفولة، أى ما أنبت اللحم وشد العظم.
ولا نريد أن ننتقل إلى مباحث فقهية مفصلة، وإنما نريد أن نقول: هب أن رجلاً قال: لا أستطيع قبول رواية " إذا وقع الذباب فى شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن فى إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء " أيكون من الكافرين؟ كلا!! فلم يقل أحد أن أركان الإسلام تضم الإيمان بالله واليوم الآخر وغمس الذباب فى الشراب إذا سقط فيه!
وحيث الآحاد ليس مصدر عقيدة شرعية أو حكم قاطع، بيد أنى من باب استكمال البحث العلمى فقط
أسأل: هل الحديث مردود؟ إن بعض علماء الحشرات قرر أن هذه الحشرة تفرز الشىء والشىء المضاد له، فإن استقر هذا الرأى الفنى فالحديث صحيح، وإن ثبت قطعاً أن الذباب مؤذ فى جميع الأحوال التى تعرض له ومن بينها الحالة المروية فى الحديث رددته دون غضاضة.
وليس بقادح هذا فى دينى ولا يقينى.
وقد روى " البخارى " أحاديث صحيحة السند لكن أئمة الفقه عملوا بغيرها لأدلة أقوى عندهم منها.. وأنا شخصياً متوقف فى هذا الحديث، لم أنته فيه إلى حكم حاسم، وعلى أية حال فهو لا يتعلق بسلوك خاص أو عام..
إن قواعد الدين وعباداته وفضائله وقيمه ترتكز أولاً على القرآن الكريم ثم ما يشرحه من سنن استراح النقاد الأخصائيون لها..
ومنهج المحدثين فى تلقى التراث النبوى لا غبار عليه، بل إن هذا المنهج هو ما تحتاج إليه الديانات الأخرى لتكون موضع ثقة وقبول.