إلا ما كان تافهاً قليل الغناء، بل إن الشعب الأندونيسى عزل بعضه عن بعض حتى يستطيع المبشرون افتراس كل جزء على حدة..
وقاوم المسلمون ببسالة هذا البلاء المبين، وأمكنهم أن يظفروا آخر الشوط بحريتهم فاستقلت أندونيسيا سياسياً، وقام فيها نظام نيابى ظفر فيه حزب " ماشومى " المسلم بكثرة الأصوات، وتألفت حكومة إسلامية يرأسها السيد " محمد ناصر "..
هل يترك الاستعمار العالمى مستقبل أندونيسيا المسلمة يتقرر على هذا النحو؟
كلا، لقد بحث عن شخص يستطيع تقليب الأمور، وتعكير الصفو، ووجد ضالته المنشودة فى " سوكارنو "، وهو رجل معروف بانحراف العقيدة، وسيطرة الغرائز البهيمية على حياته، وقد بدأ " سوكارنو " يعمل.
قال الأستاذ " علال الفاسى ": " إن دسائس الهند وهولندا زودت سوكارنو وأنصاره بأموال ضخمة فى الانتخابات الثانية، فأصبح الحزب الوطنى الذى يرأسه صاحب الأغلبية، وانكشف سلوك سوكارنو مما حمل المسلمين المخلصين والاشتراكيين على الثورة والمناداة بحكم إسلامى سليم والتغلب على حزب " ماشومى " الإسلامى، قام سوكارنو بعقد اتفاق مع حكومة الصين الشعبية يقضى بأن يتجنس الصينيون المقيمون بأندونيسيا ـ وهم عدة ملايين ـ بالجنسية الأندونيسية، وأن يشدوا أزر الحزب الشيوعى فى البلاد، فأصبح بذلك القوة السياسية الثالثة بعد الحزبين الوطنى والإسلامى!
وهكذا تحالف سوكارنو مع الشيوعيين، ثم شرع يضيق الخناق على النشاط الإسلامى باسم المحافظة على الأمن وإقرار النظام.. ".
ويلعب الإغراء بعقول الشيوعيين، وأملى لهم سوكارنو الذى صرح أحياناً بأنه ماركسى، فحاولوا الانفراد بالحكم إثر مذبحة أوقعوها بالفئات الإسلامية ذهب ضحاياها عشرات الألوف.
بيد أن الجيش تدخل مؤيداً الطلاب المكافحين والمجاهدين المسلمين فدحر الشيوعيين وقضى عليهم قضاء مبرماً.
قال الأستاذ " علال ": " وكان الواجب يقضى برد الأمر إلى الشعب ليختار حكومته ونوابه ".